للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَدِليلُ شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} .

ــ

أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} على الجملة السابقة؛ لأن من مستلزمات الشهادة أن نفرد الله تعالى بالتشريع فلا حكم إلا ما شرع الله تعالى، كما قال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} ١، وقوله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} ، أي: امتنعوا وأبوا أن ينقادوا لهذه الكلمة العظيمة {فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} ، يعني: صرحوا لهم بأنكم مسلمون وأنكم بريئون منهم وما هم عليه.

قوله: "وَدِليلُ شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} ٢" هذه الآية دليل على شهادة أن محمداً رسول الله، وفيها بيان أن الله جل وعلا امتن على هذه الأمة ببعثة هذا الرسول الكريم ووصف هذا الرسول بأنه "من أنفسهم" فهم يعرفون صدقه ونسبه ويمكنهم الجلوس معه وسماع خطابه وكلامه؛ لأنه ليس بغريب عليهم، وقوله: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} أصل العنت بمعنى المشقة، ومعنى {عَزِيزٌ عَلَيْهِ} ، أي: شديد عليه كل ما فيه مشقة عليكم من آصار وأغلال؛ لأنه صلى الله عليه وسلم بعث بالحنيفية السمحة٣، ولما تلا الرسول صلى الله عليه وسلم على


١ سورة يوسف، الآية: ٤٠.
٢ سورة التوبة، الآية: ١٢٨.
٣ ورد ذلك من طرق، فراجع: "النهج السديد في تخريج أحاديث تيسير العزيز الحميد": "ص٣٣٣".

<<  <   >  >>