للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَمَعْنَى شَهَادَة أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ طَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ، وَتَصْدِيقُهُ فِيمَا أَخْبَرَ، واجْتِنَابُ مَا عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع.

ــ

الصحابة قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} ١ قال الأقرع بن حابس: أفي كل عام يا رسول الله؟ فسكت الرسول صلى الله عليه وسلم، وسكوته رحمة لهذه الأمة؛ لأنه قال: "لو قلت نعم لوجبت"٢. فيكون الحج واجباً كل سنة على من استطاع إليه سبيلاً، وهذا فيه من المشقة والضرر ما لا يحتمله العباد، لكن من رحمة الله تعالى بعباده أن الحج لا يجب إلا مرة واحدة في العمر. وقوله تعالى: {حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} ، أي: على هدايتكم وإنقاذكم من النار، فالرسول صلى الله عليه وسلم حريص أشد الحرص على هداية أمته. وقوله تعالى: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} ، يعني: أن الرأفة والرحمة خاصة بالمؤمنين، وأما هدايته فهي عامة لجميع الناس، فمن شاء الله تعالى هدايته اهتدى ومن شاء الله إضلاله ضل، وقد حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على هداية عمه أبي طالب، ولكن الله تعالى لم يشأ هدايته. قال تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} ٣.

قوله: "وَمَعْنَى شَهَادَة أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ طَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ، وَتَصْدِيقُهُ فِيمَا أَخْبَرَ، واجْتِنَابُ مَا عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع" هذه أربعة أمور لا تتم شهادة أن محمداً رسول الله إلا بها. فما أمر


١ سورة آل عمران، الآية: ٩٧.
٢ أخرجه مسلم: "رقم١٣٣٧".
٣ أخرج قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه البخاري: "٨/٥٠٦-فتح"، ومسلم: "رقم٣٩/٢٦"، والآية من سورة القصص، رقم: ٥٦.

<<  <   >  >>