وهو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
ــ
بماله أو بعلمه، فهذا كله داخل في باب الإحسان، وأجل أنواع الإحسان: الإحسان إلى من أساء إليك كما قال تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} ١.
قوله:"ركن واحد وهو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
معنى قوله:"أن تعبد الله"، أي: تقوم بعبادة ربك من عبادة بدنية: من صلاة وصيام، أو عبادة مالية: كذبح الأضاحي والهدايا أو الصدقة. تقوم بهذه العبادة على هذه الحال "كأنك تراه"، أي: كأنك ترى معبودك وتشاهده؛ فيبعث هذا على أمرين:
الأمر الأول: الإخلاص لله عز وجل بعبادته، فلا يعبده رياء ولا سمعة ولا مدحاً وهو يعتقد أن الله يراه.
الثاني: أن يتقن العبادة ويحسن أداءها. فيصلي صلاة من يشاهده ربه وهو يرى ربه. ولا ريب أن المسلم لو تحقق هذا المعنى؛ لكان من أكبر الدواعي على إخلاص العباد وإتقانها؛ ولكان من أكبر الدواعي على عدم شرود ذهن الإنسان في صلاته وانشغاله بأفكاره أو بهواجس ترد عليه أثناء الصلاة.
١ انظر: "بهجة قلوب الأبرار" للشيخ عبد الرحمن السعدي: "ص١٥٦"، والآيتان من سورة فصلت، رقم: ٣٤، ٣٥.