للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهذه الدرجة الأولى من درجات الإحسان، وهي درجة العظمى، وهي دراجة المراقبة، تليها درجة أخرى وهي قوله: "فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، أي: إذا لم تعبده كأنك تراه وتشاهده فاعبده على مرأى منه سبحانه وتعالى فإنه يرى ما تفعل ويسمع ما تقول. فهما درجتان، والدرجة الأولى هي العظمى؛ لأن الدرجة الثانية درجة عامة؛ لأن الله جل وعلا يرى جميع الخلق، لكن الدرجة الأولى لا تكون إلا لصاحب الإحسان الذي يعبد ربه كأنه يراه.

والمصنف رحمه الله أخر المرتبة الثالثة وهي مرتبة الإحسان؛ لأنها أضيق المراتب الثلاث؛ لأن أصحابها هم الخلص من عباد الله الصالحين. ولهذا يقول العلماء: إذا تحقق الإحسان تحقق الإيمان والإسلام. وكل محسن مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمناً محسناً١. وقد صور بعض العلماء هذه المراتب الثلاث بثلاث دوائر كل واحد داخل الأخرى. الدائرة الأولى: هي الدائرة الواسعة، دائرة الإسلام؛ لأن أهل الإسلام أكثر من أهل الإيمان، فقد يكون مسلماً في الظاهر ولا يكون مؤمناً. كما سنذكر بعد قليل –إن شاء الله- فأوسع دائرة هي دائرة الإسلام وفي داخلها دائرة الإيمان، وأضيق منها دائرة الإحسان، فمن وجد داخل الدوائر الثلاث فهو مسلم مؤمن محسن. وإن خرج من الدائرة الصغرى ونعني بها دائرة الإحسان فهو مؤمن مسلم. وإن خرج من الدائرة الثانية فهو مسلم في


١ انظر: كتاب "الإيمان" لشيخ الإسلام ابن تيمية: "ص٦".

<<  <   >  >>