للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهذه الآية هي أحد البراهين العقلية التي أبطل الله بها اتخاذ المشركين للآلهة، فإن القرآن الكريم ذكر برهانين عقليين على إبطال الشرك والتنديد بالمشركين الذين عبدوا مع الله غيره.

البرهان الأول: إذا كنتم تقرون بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر لهذا الكون فيلزمكم أن تعترفوا بوحدانيته. فإن من كانت هذه صفته فهو الإله المستحق للعبادة وما عداه هو مربوب مألوه لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعاً ولا ضراً، قال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} ١، وهذا من التناقض الذي وقع فيه المشركون إذ كانوا يعترفون بأن هذه الأمور من خصائص الله تعالى، وهذا يعني أن يقروا بالعبادة؛ لأن غيره مما عبد معه ليست لهم هذه الخصائص.

البرهان الثاني: أن هذه الآلهة المعبودة من دون الله تعالى ليس لها ما يخولها لأن تعبد فإنها كما قال الله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً} ٢، وقد تقدم شيء من ذلك.


١ سورة يونس، الآية: ٣١.
٢ سورة الفرقان، الآية: ٣. وانظر: "تفسير ابن سعدي": "١/٤٣"، "ونبذة في العقيدة الإسلامية": "ص٢١".

<<  <   >  >>