للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} .

ــ

قوله: "وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} ١"، أي: والدليل على أن من دعا مع الله غيره فهو مشرك كافر هذه الآية فإن الله تعالى سماهم كافرين لدعائهم مع الله غيره. والبرهان هو الدليل الذي لا يترك في الحق لبساً وهو أقوى الأدلة؛ لأنه لا يترك التباساً عند السامع، ولهذا يطلق عليه برهان، فهو أقوى من الحجة وأقوى من الدليل؛ لأن الدليل قد يكون ظنياً لا قطعياً، أما البرهان فهو أمر قطعي. فقوله سبحانه: {لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} ، يعني: ليس له دليل ولا حجة على هذا. ولا يمكن لأحد أن يدعو مع الله غيره ويكون له برهان بحيث يكون الذم متوجهاً إلى من دعا مع الله غيره وليس معه برهان؛ لأنه يستحيل وجود برهان على عبادة إله آخر مع الله تعالى. فهذا الوصف {لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} جاء –والله أعلم- لموافقة الواقع، لا لإخراج المفهوم عن حكم المنطوق بحيث يقال: من عبد مع الله غيره وله برهان فلا مانع، ومعنى "موافقة الواقع" أنه وصف مطابق للواقع لأنهم يدعون مع الله غيره بلا برهان.

وقوله تعالى: {فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ} ، يعني: حساب هذا الذي دعا مع الله غيره عند ربه. وهو حساب لا فلاح معه لقوله تعالى: {إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} ، ونفي الفلاح يدل على هلاكه وأنه من أهل النار.


١ سورة المؤمنون، الآية:١١٧.

<<  <   >  >>