للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَسْرُوراً وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً.. الآية} ١، فدل قوله: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ... } ، {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ ... } على أن اللقاء في قوله: {فَمُلَاقِيهِ} لقاء عام، أما في هذه الآية التي معنا فمعناها: فمن كان ينتظر ويطلب ويترقب لقاء الله سبحانه وتعالى الذي هو لقاء رضا ونعيم، فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بربه أحدا؛ لأن الذي يرجو ثواب الله ويخاف من عقابه يعمل عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً، والعمل الصالح كما فسره أهل هو الخالص من الياء الموافق لشرع الله من واجب أو مستحب. وقوله: {وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} ، يعني: لا يشرك في العبادة مع الله غيره كائناً من كان، لا ملكاً مقرباً ولا نبياً ولا ولياً ولا أحداً من الصالحين. وفي قوله سبحانه: {بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} إشارة إلى علة النهي عن الشرك، أي: فكما أنه ربك الذي خلقك ورباك ولم يشاركه أحد في خلقك فيجب أن تكون العبادة له وحده لا شريك له٢.

فالواجب على العبد أن يتحقق رجاءه فلا يعلقه إلا بالله تعالى، لا يعلقه بقوته ولا بعمله ولا يعلقه بمخلوق. ومن المأثور عن علي رضي الله عنه أنه قال: "لا يرجو عبد إلا ربه، ولا يخاف إلا ذنبه"٣.

عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في


١ سورة الانشقاق، الآيات: ٦-١١.
٢ "القول المفيد": "٢/٢٣٠".
٣ حلية الأولياء "١/٧٥-٧٦".

<<  <   >  >>