للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حق هؤلاء: {ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ} ١.

٢- إنابة لإلهيته: وهي إنابة أوليائه، إنابة عبودية ومحبة، وتتضمن أربعة أمور: محبته، والخضوع له، والإقبال عليه، والإعراض عما سواه.

فالمنيب إلى الله: المسرع إلى مرضاته الراجع إليه كل وقت المتقدم إلى محابه؛ لأن لفظ "الإنابة" فيه معنى الإسراع والرجوع والتقدم٢.

وفي الآية الكريمة ما يدل على أن الإنابة من العبادات، وأن الله جل وعلا أمر بها. ولهذا لم يذكر المصنف التوبة من أنواع العبادة، إنما اقتصر على ذكر الإنابة؛ لأن صورة العبادة بالنسبة للإنابة أوضح من صورتها بالنسبة إلى التوبة بسبب زيادة الإقبال على العبادة.

وقوله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ} ، أي: ارجعوا إليه بالطاعة، {وَأَسْلِمُوا لَهُ} ، المراد بالإسلام في الآية الكريمة هو الإسلام الشرعي، ومعناه: الاستسلام والانقياد لأحكام الشريعة، وهذا لا يكون إلا للطائعين، فالطائع مسلم إسلاماً شرعياً؛ لأنه انقاد لأحكام الشرع، أما بالنسبة إلى الإسلام الكوني، وهو المعنى الثاني، فهذا هو الاستسلام لحكم الله الكوني، وهذا ليس خاصاً بالطائعين بدليل قوله تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً} ٣، ففيه من يسلم طائعاً،


١ سورة الروم، الآيتان: ٣٣-٣٤.
٢ "مدارج السالكين": "١/٤٣٤".
٣ سورة آل عمران، الآية: ٨٣.

<<  <   >  >>