للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ودليل الاستعانة وقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} .

ــ

وفيه من يسلم وهو كاره. ومعنى هذه الآية أن جميع من في السموات ومن في الأرض منقادون لحكم الله الكوني بمعنى أنهم منقادون لما يجريه الله تعالى ويقدره عليهم شاءوا أم أبوا فهذا إسلام كوني. أما الإسلام الشرعي الذي يمدح فاعله وهو من أنواع العبادة فهو المعنى الأول.

قوله: "ودليل الاستعانة وقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} " الاستعانة طلب العون؛ لأن الألف والسين والتاء في اللغة للطلب، فإذا قيل: استعان فمعناه طلب الإعانة، وإذا قيل: استغاث، أي: طلب الغوث. وإذا قيل: استخبر، أي: طلب الخبر.

والاستعانة أنواع:

النوع الأول: الاستعانة بالله، وهي الاستعانة المتضمنة كمال الذل من العبد لربه مع الثقة به والاعتماد عليه، وهذه لا تكون إلا لله فهي تتضمن ثلاثة أشياء:

الأول: الخضوع والتذلل لله تعالى.

الثاني: الثقة بالله جل وعلا.

الثالث: الاعتماد على الله سبحانه وتعالى، وهذه لا تكون إلا لله، فمن استعان بغير الله محققاً هذه المعاني الثلاثة فقد أشرك مع الله غيره١.

والعبد عاجز عن الاستقلال بجلب مصالحه ودفع مضاره ولا معين له على مصالح دينه ودنياه إلا الله عز وجل. وهذا تحقيق معنى قول:


١ انظر: "مدارج السالكين": "١/٧٤، ٧٥".

<<  <   >  >>