للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والفرق بين الاستغاثة والاستعاذة تطلب منه أن يعصمك وأن يمنعك وأن يحصنك، والاستغاثة تطلب منه أن يزيل ما فيك من شدة، وهذا لا يكون إلا لله سبحانه وتعالى القادر على كل شيء. والاستغاثة كالاستعاذة تتضمن كمال الافتقار إلى الله سبحانه وتعالى واعتقاد كفايته. قال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} ، أي: تستجيرون ربكم وتطلبون منه الغوث فاستجاب لكم. وهذه الآية نزلت في عزوة بدر الكبرى. وكان المشركون أكثر من المسلمين ثلاث مرات، فالمسلمون بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم توجهوا إلى الله سبحانه وتعالى بأن يمدهم بالنصر وأن يخلصهم من هذا الموقف الذي هم فيه. وقد ورد عَنْ عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: لما كان يوم بدر نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وهم ثلاث مائة ونيف ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة –وفي روايات أخرى: أنهم بين الألف والتسعمائة- فاستقل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة وعليه رداؤه وإزاره ثم قال: "اللهم أنجز لي ما عدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبداً، قال: فما زال يستغيث ربه ويدعوه حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فرده ثم التزامه من ورائه ثم قال: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك. فأنزل الله عز وجل: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} ١.


١ أخرجه مسلم: "رقم ١٧٦٢"، وأحمد: "١/٣٠، ٣١".

<<  <   >  >>