معناها في هذه الدار الدعاء، ولهذا قال في تمام الحديث "اللهم شفعه في" أي استجب دعاءه، وهذا متفق علي جوازه، إذا الحي يطلب منه سائر ما يقدر عليه. وأما الغائب والميت فلا يستغاث به، ولا يطلب منه ما لا يقدر عليه، قال تعالى:{قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} ١ إنما غايته طلب الدعاء من الحي، وقبول شفاعته عند الله عز وجل، وهو التوقيت والإتباع. ولو كان هذا من العبادات لسنه الرسول، ولكان أصحابه أعلم بذلك وأتبع، ولهذا لم يفعله صلى الله عليه وسلم انتقل من هذه الدار إلى دار القرار بنص الكتاب والسنة، وإجماع الأمة، لهذا استسقى أصحابه، بعمه العباس بن عبد المطلب، وأن يدعو لهم في الاستسقاء عام القحط، أخرجه البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه ولم يأتوا إلى قبره ولا وقفوا عنده مع أنه صلى لله عليه سلم حياته في قبره برزخية، والدعاء عبادة مبناها على أحد من الصحابة ولا التابعين مع شدة احيتاجهم، وكثرة مدلهماتهم، وهو أعلم بمعاني كتاب الله وسنة رسوله، وأحرص إتباعا لملته من غيرهم، بل كانوا ينهون عنه وعن الوقوف عند القبر للدعاء عنده، وهم من خير القرون التي قد نص عليها النبي صلى الله عليه سلم قي قوله: "خيركم