للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك اليوم الذي أشرق فيه النور وبزع فجر الحق على العالمين، وهم في تلك الظلمة الحالكة والحيرة المتناهي، فجاءه رسول الله إلى أنبيائه ورسله، أمين الملائكة، جبريل عليه السلام مرسل من ربه إلى محمد صلى الله عليه وسلم ليلقى عليه أول أنوار هذه الرسالة التي بها نجاة الناس وفلاحهم وسعادتهم.

ولنسمع كيف تصف عائشة رضي الله عنها بدء نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الإمام البخاري رحمه الله بسنده عنها رضي الله عنها أنها قالت: "أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي، الرؤيا الصادقة في النوم، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء فكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه – وهو التعبد – الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: "اقرأ، فقال: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَم عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} ١ فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد، فقال: "زملوني"٢، فزملوه حتى


١ الآيات من ١-٥ من سورة العلق.
٢ التزميل: الإخفاء واللف في الثوب، وتزمل تلفف. انظر القاموس المحيط٣/٤٠١.

<<  <   >  >>