للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانت تلك المشابهة، ولو كانت تلك الأوثان أو الأعياد قد زالت واندثرت، كل ذلك حماية منه عليه الصلاة والسلام لحمى التوحيد أن يصل إليه شرك، أو مشابهة لأهله، ولذلك لما علم بخلوّ ذلك المكان من هذه الأمور قال للرجل "أوف بنذرك" ثم عقب على ذلك بقوله: "فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم".

قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "وهذا يدل على أن الذبح بمكان عيدهم وكل أوثانهم معصية لله من وجوه:

أحدها: أن قوله: "أوف بنذرك" تعقيب للوصف بالحكم بحرف الفاء، وذلك يدل على أن الوصف سبب الحكم، فيكون سبب الأمر بالوفاء: وجود المنذر خاليا من هذين الوصفين، فيكون الوصفان مانعين من الوفاء، ولو لم يكن معصية لجاز الوفاء به.

الثاني: أنه عقب ذلك بقوله: "لا وفاء لنذر في معصية الله" ولولا اندراج الصورة المسؤول عنها في هذا اللفظ العام، وإلا لم يكن في الكلام ارتباط.

والمنذور في نفسه – وإن لم يكن معصية- لكن لما سأله النبي صلى الله عليه وسلم عن الصورتين قال له: "فأوف بنذرك" يعني: حيث ليس هناك ما يوجب تحريم الذبح هناك، فكان جوابه صلى الله عليه وسلم فيه أمر بالوفاء عند الخلو من هذا، ونهى عنه عند وجود هذا، وأصل الوفاء بالنذر معلوم، فبين ما لا وفاء فيه.

واللفظ العام إذا ورد على سبب، فلابد أن يكون السبب مندرجا فيه.

<<  <   >  >>