الثالث: أنه لو كان الذبح في موضع العيد جائزا لسوغ النبي صلى الله عليه وسلم للناذر الوفاء به، كما سوغ لمن نذرت الضرب بالدف، أن تضرب به، بل لأوجب الوفاء به، إذ كان الذبح بالمكان المنذور واجبا، وإذا كان الذبح بمكان عيدهم منهيا عنه، فكيف بالموافقة في نفس العيد، بفعل بعض الأعمال التي تعمل بسبب عيدهم؟.
إلى أن قال رحمه الله:"فإن كان من أجل تخصيص البقعة – وهو الظاهر – فإنما نهى عن تخصيص البقعة لأجل كونها موضع عيدهم، ولهذا لما خلت من ذلك أذن في الذبح فيها، وقصد التخصيص باق، فعلم: أن المحذور تخصيص بقعة عيدهم، وإذا كان تخصيص بقعة عيدهم محذورا، فكيف نفس عيدهم؟.
هذا كما أنه لما كرهها لكونها موضع شركهم بعبادة الأوثان كان ذلك أدل على النهي عن الشرك وعبادة الأوثان ... ثم قال رحمه الله: "فليس بعد حرصه صلى الله عليه وسلم على أمته ونصحه لهم غاية – بأبي هو وأمي – وكل ذلك من فضل الله عليه وعلى الناس، ولكن أكثر الناس لا يعلمون "١.
١ ابن تيمية – اقتضاء الصراط المستقيم ت د. ناصر العقل ١/٤٤٠، ٤٤٥.