قبل موته رجلًا نافعًا للناس وخاصة الحجاج فقد كان يلت السويق - نوعًا من الطعام تحتسيه العرب - ويقدمه لهم فلما توفي صار شأنه كشأن أي رجل يعتقد الناس فيه الصلاح والخير فأسف عليه أهل زمانه فصاروا يترددون إلى ضريحه ثم أقاموا عليه بناء ثم جعلوا يتوسلون به ويطوفون بقبره ويسألونه قضاء الحاجات وتفريج الكربات، كما يطلب مثل ذلك من العزى ومناة كما قال الله عز وجل:{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى}{وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى}{أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى}{تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى}{إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}[النجم: ١٩ - ٢٣]، وكانوا مع هذا يعلمون أن هؤلاء المدعوين لم يخلقوا شيئًا من هذا الكون وأنهم لا يملكون رزقًا ولا حياة ولا موتًا وليس لهم من الأمر شيء.
قال الله عز وجل عن المشركين:{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ}[يونس: ٣١]، أي: ما دمتم تعلمون أن الفاعل لهذا هو الله أفلا تتقون الله فتفردونه بالدعاء كما أفردتموه بالخلق.
ومن هناك ندرك أن أولئك الكفار ما كانوا يرجون من وراء