للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما دعواهم بعدم الفرق بين التوسل والاستغاثة بالأحياء، وبين التوسل والاستغاثة بالأموات؛ لأنه ليس للميت ولا للحي تأثير أو فعل؛ لأن الفاعل -حقيقة- هو الله وحده، وإن وجد في كلام العامة بعض "الألفاظ الموهمة" التي توهم إسناد الفعل إلى الأموات، فلا جناح عليهم؛ لأن هذا الإسناد إسناد مجازي لا حقيقي، هذه هي دعواهم، فأما الرد عليهم فيكون على النحو التالي:

يبين الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين بطلان دعواهم بأن الطلب من الأموات من باب التسبب١ فيقول:

(نحن لا ننكر إضافة الأشياء إلى أسبابها، ولكن الله سبحانه هو خالق الأسباب والمسببات، ولا يلزم من ذلك أن نعتمد على الأسباب، فضلا عن أن نسألها ونرغب إليها وهي مخلوقة، بل يتعين على العباد أن يعتمدوا على خالق الأسباب ويرغبوا إليه، ويستعينوا به ويعبدوه وحده، إياك نعبد وإياك نستعين) .

ثم يقول: (فطرد هذا الأصل الباطل -أي دعاء الأموات كأسباب- أن يجوز ذلك في جميع الأسباب، وقد قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً} ٢ فيلزمه أن يجوز للناس أن يطلبوا من الريح أن تسير لهم سحابا ماطرا، وقال تعالى في حق نبيه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} ٣ والمراد بالظلمات ظلمات الجهل والكفر والشك إلى نور العلم والإيمان، فيجوز على أصل هذا أن يقال يا رسول الله أخرجنا من الظلمات إلى النور) ٤.

ويكشف الشيخ صالح الشثري بطلان دعوى دحلان -ومن معه- حين جوّز التوسل والاستغاثة بالأموات، ما دام أن المتوسل والمستغيث بهم يعتقد أن التأثير والإيجاد لله وحده، وأنه ليس للحي ولا للميت فعل أو تأثير، يقول الشثري رحمه الله:

(وعلى معتقد هذا الملحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطأ وظلم في قتال المشركين؛ لأنهم لا يعتقدون تأثيرا، ولا إيجادا لغير الله، مع أن هذا الملحد قد نقض أصله في نفس تعريفه بقوله: فالمستغيث يطلب ممن استغاث به أن يحصل له الغوث من غيره، فهل التحصيل إلا فعل قائم بالواسطة الذي طلب منه، وقد سلك في معتقده هذا مع تناقضه مذهب القدرية المجبرة.. القائلين بأن العبد مجبور لا فعل له حقيقة، بل إسناد


١ سبق إيراد تلك الدعوى كما ذكرها داود بن جرجيس في كتابه "المنحة الوهابية".
٢ سورة الروم آية: ٤٨.
٣ سورة إبراهيم آية: ١.
٤ "تأسيس التقديس" ص ٥.

<<  <   >  >>