للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفعل إليه مجاز، فكأنه لم يسمع قول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} ١ فأثبت سبحانه فعل الظلم لهم فعاقبهم عليه، وقال تعالى: {َمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ} ٢ الآية، أيظن من له أدنى رائحة من عقل أن الله قصد نسبة مكر المشركين إليهم مجازاً، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا) ٣.

ويرد الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن على دعوى ابن جرجيس حين ادعى أن من اعتقد أن الأسباب العالية فاعلة من غير استنادها إلى الله فهو كافر إجماعا، فيقول:

(إذا كان إسناد الفعل إليها استقلالا يكفر فاعله إجماعا، وهي من الأسباب العادية التي أودع الله فيها قوة فاعلة، فكيف لا يكفر من أسند ما لا يقدر عليه إلا الله من إغاثة اللهفات، وتفريج الكربات إلى غير الله من الصالحين ونحوهم، وزعم أنها وسائل، أو أن الله وكل إليهم التدبير كرامة لهم، هذا أولى بالكفر وأحق به ممن قبله.

ويقال للعراقي أنت لا ترضى تكفير أهل القبور لاحتمال العذر والشبهة وأنه شرك أصغر يثاب من أخطأ فيه، فكيف جزمت بكفر من أسند القطع للسكين من غير استناد إلى الله، وما الفرق بين من عذرته وجزمت بإثباته، وبين من كفرته وجزمت بعقابه، ليست إحدى المسألتين بأظهر من الأخرى، وما يقال من الجواب فيما أثبته من الكفر يقال فيما نفيته..

ويقال جمهور العقلاء على الفرق بين الأسباب العادية وغيرها، فالشبع والري والدفء أسباب عادية فاعلة، وإنما يكفر من أنكر خلق الله لهذه الأسباب، وقال بفعلها دون مدبر عليم حكيم، وهذا البحث يتعلق بتوحيد الربوبية، وأما جعل الأموات أسبابا يستغاث بها وتدعى وترجى، وتعظم على أنها وسائط فهذا دين عبّاد الأصنام، يكفر فاعله بمجرد اعتقاده وفعله، وإن لم يعتقد الاستقلال كما نص عليه القرآن في غير موضع) ٤.

ويورد الشيخ السهسواني ما في دعوى دحلان من البطلان، حين ادعى أن المتوسلين والمستغيثين بالأموات لا يعتقدون التأثير إلا لله وحده، فيقول السهسواني رحمه الله:


١ سورة هود آية: ١٠١.
٢ سورة آل عمران آية: ٥٤.
٣ "تأييد الملك المنان" ق ٣٥، ٣٦.
٤ "منهاج التأسيس" ص ٢٦٦، ٢٦٧.

<<  <   >  >>