للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وغلبته حتَّى دعاهم الحذر من ذهاب لغتهم وفساد كلامهم إلى أن سبَّبوا الأسباب في تقييدها لمن ضاعت عليه، وتثقيفها لمن زاغت عنه"١.

ومن المؤكّد أن البوادر الأولى للحنِ ظهرت في المدينة على مسمع من النَّبي- صلى الله عليه وسلم - فقد روت المصادر أنَّ رجلا لحن بحضرته فقال - عليه الصَّلاة والسلام -: "أرشدوا أخاكم فقد ظل" ٢. أو "أرشدوا أخاكم فإنَّه قد ظلَّ" ٣.

وتكاد تنطق عبارة الحديث بأنّ هذا اللحن هو أوَّل لحن سمعه الرًّسول - صلى الله عليه وسلم - ومن ثم دعا إلى ضرورة التّصدِّي له٤، ولو كان اللحن معروفا عند العرب قبل ذلك العهد لجاءت عبارة الحديث على غير هذا الوجه٥.

ويبدو أن اللحن أخذ في التفشِّي والانتشار فأصبح أمره معروفاً، فقال النّبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك بحين: "أنا من قريش، ونشأت في بني سعد فأنَّى لي اللحن؟ " ٦.

وروي عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنّه كان يقول: "لأن أقرأ فأسقط أحبّ إليّ من أن أقرأ فألحن"٧.

وفي هذا النص - أيضاً - دلالة على أنَّ اللحن كان معروفاً زمن أبي بكر الصِّديق، متفشِّيا بين عامة النّاس، ومنه ما يقع في القرآن، وهو أشنع ما يكون من اللحن.


١ طبقات النحويين واللغويين ١١.
٢ مراتب النحويين ٢٣.
٣ ينظر: الجامع الصغير ١/٣٦٣، وكنز العمال ١/١٥١، والخصائص ٢/٨.
٤ ينظر: أثر القرآن في أصول مدرسة البصرة ١٣٥.
٥ ينظر: تاريخ آداب العرب ا /٢٣٧.
٦ مراتب النحويين ٢٣.
٧ ينظر: مراتب النحويين ٢٣، والإيضاح في علل النحو ٩٦، والمزهر ٢/٣٩٧.

<<  <   >  >>