للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وازدادت المرويات من اللَّحن في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فمن ذلك أنّه مرَّ بقوم يرمون ويسيئون الرمي، فغضب منهم وقال لهم: "بئس ما رميتم، فقالوا: إنّا قوم متعلمين [أو نحن قوم رامين] فقال: والله لخطؤكم في كلامكم أشد من خطئكم في رميكم، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "رحم الله امرأ أصلح من لسانه" ١.

وكتب كاتب لأبي موسى الأشعري إلى عمر: "من أبو موسى" فكتب عمر إلى عامله: "سلام عليك، أما بعد، فاضرب كاتبك سوطاً واحدا، وأخّر عطاءه سنة"٢ أو "إذا أتاك كتابي هذا، فاجلده سوطاً واعزله عن عمله"٣.

وُيروى أنَّ أعرابيَّاً دخل السُّوق فوجدهم يلحنون فقال: "العجب، يلحنون ويربحون"٤.

وقد فشا اللَّحن زمن الأمويين، وانتشر بين العامة والخاصة، ولم يسلم منه الأمراء والوزراء وأهل الرِّياسة، فقد قيل: إنّ الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك كان لُحَنَةً٥. رووا أنّه خطب النَّاس يوم عيد، فقرأ في خطبته: " ياليتُها كانت القاضية" بضم التَّاء، فقال عمر بن عبد العزيز: عليك وأراحنا منك٦.

وروى الجاحظ أنّ كُتُب الوليد كانت تخرج ملحونة، فسأل إسحاقُ بن قبيصة أحد موالي الوليد: "ما بال كتبكم تأتينا ملحونة، وأنتم أهل الخلافة؟ "٧.


١ الإيضاح في علل النحو ٩٦، وينظر: معجم الأدباء١/١٦، ١٧
٢ مراتب النحويين ٢٣.
٣ كنز العمال ٥/٢٢٤.
٤ معجم الأدباء١/٢٣.
٥ ينظر: البيان والتبيين ٢/٢٠٥.
٦ المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ٩/٢٤.
٧ البيان والتبيين ٢/ ٢٠٥.

<<  <   >  >>