للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتحققنا أن الحجّة القاطعة هي التي (يرد) ١ بها السمع لا غير.

ووجدنا أيضاً القائلين بالعقل المجرّد وأنه أوّل الحجج مختلفين فيه، كلّ واحد يزعم أنّ الحقّ معه وأنّ مخالفه قد أخطأ الطريق، ولا سبيل إلى من يحكم بينهم في الحال، وإنما الحاصل دوام الجدل المنهي عنه، ونجدهم أيضاً يقولون اليوم قولاً يزعمون أنه مقتضى العقل، ويرجعون عنه غدا إلى غيره، وما كان بهذه المثابة لا يجب أن يكون حجّة في نفسه.

ووجدنا الكتاب المنزل غير جائز ورود النسخ عليه٢.

وقد وجب (علينا) ٣ الإذعان له، والدخول تحت حكمه، فكانت الحجّة فيه لا في مجرّد العقل.

وإنما ورد الكتاب بالتنبيه على العقل وفضله٤وبيّن أن من خالف الكتاب ممن لا يعقل٥ لأنّ العقل يقتضي قبول العبد من مولاه، وترك ظنه


١ هذه الكلمة ليست في الأصل زدتها لاقتضاء السياق ذلك.
٢ أي: في باب المعتقدات، والإخبار عما كان ويكون فإنه لا يجوز ورود النسخ فيها، وقد أشار المصنِّف إلى ذلك في الفصل الثامن.
٣ في الأصل: "على" في الصلب، صوبت في الهامش.
٤ والآيات في ذلك كثيرة منها قوله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} النحل آية: ٦٧، وكثيراً ما يشير القرآن إلى العقل {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} الروم آية: ٢٨.
٥ والآيات في ذلك كثيرة كقوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} البقرة آية: ٤٤، وقوله تعالى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} المائدة آية: ٥٨، وقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} العنكبوت آية: ٦٣.

<<  <   >  >>