للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(لا تختص الرؤية بالبصر١ ولا تكون عن مقابلة٢ لأنّ٣ ما يرى مقابلة كان جسماً) .

فهو إذا قال: إنه يرى بالأبصار لم يجز في العقل أن تكون عن غير مقابلة، وإن قال إنّ الرؤية لا تختص البصر عاد إلى قول المعتزلة، وصارت الرؤية في معنىالعلم الضروري٤. وقد حكي عن بعض متأخريهم أنه قال: لولا الحياء من مخالفة شيوخنا لقلتُ إنّ الرؤية هي العلم لا غير٥.

وهكذا قالوا في سماع موسى عليه السلام كلام الله سبحانه إنه لم يخص الأذن٦، وإذا لم يخص بزعمهم الأذن لم يكن سماعاً؛ لأن هذه البنية


١ في الأصل "البصر".
٢ لم أجد ذلك في كتبه التي وقفت عليها. وعزا هذا القول إليه أيضاً: الشهرستاني في "الملل والنحل ١/١٠٠" أما مذهبه الذي استقر عليه فهو ما صرح به في الإبانة من إثبات رؤية الله بالأبصار. وسبقت الإحالة إلى موضعه وهو مذهب السلف في هذه المسألة.
٣ في الأصل "لأنه" وهو تحريف.
٤ لأن من مذهب المعتزلة نفي رؤية الله عز وجل بالأبصار، وتأويل الرؤية في قولهصلى الله عليه وسلم: "سترون ربكم" بالعلم، يقول القاضي عبد الجبار في ذلك: "ثم نتناوله – أي حديث سترون ربكم – نحن على وجه يوافق دلالة العقل فنقول: المراد به سترون ربكم يوم القيامة أي ستعلمون ربكم يوم القيامة كما تعلمون القمر ليلة البدر" انظر: "شرح الأصول الخمسة ٢٣٢، ٢٧٠، وراجع أيضاً المقالات ١/ ٢٨٩".
٥ لم أجده نسبة هذه الحكاية فيما اطلعت عليه من كتب القوم، ونسب شيخ الإسلام لمتأخري الأشاعرة من أتباع الجويني صاحب الإرشاد أنهم فسروا الرؤية بمزيد علم. انظر: "درء التعارض ٧/ ٢٣٧".
٦ لأنهم يقولون: السماع يطلق ويراد به الإدراك بحاسة الأذن، وقد يطلق ويراد به الانقياد والطاعة، وقد يطلق بمعنى الفهم والإحاطة، وعليه حملوا سماع موسى عليه السلام كلام الله. انظر: الآمدي: غاية المرام ص ١١٠، والشهرستاني: نهاية الأقدام ص ٣٦٧. إذْ يقرر أنه يتحقق كلام في جانب المتكلم وسماع من جانب المستمع ولا حرف ولا صوت ولا لسان ولا صماخ – ثم قال: فإذا تصور مثل ذلك في الشاهد حمل استماع موسى كلام الله على ذلك.

<<  <   >  >>