للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو قال إنسان في نفسه: أم فلان زانية أو فلان زان ولم ينطق بذلك لم يلزمه حد القذف، وإن نطق بذلك وقال: ما في نفسي شيء مما قلته. حُدّ، ولم يلتفت إلى ما في نفسه١.

وغير جائز عند ذوي التحصيل تعلق الأحكام بالمجاز دون الحقيقةفيها. فلما وجدنا أحكام الشريعة المتعلقة بالكلام منوطة بالنطق الذي هو حرف وصوت، دون ما في النفس، علمنا أن حقيقة الكلام هي الحرف والصوت.

ولو حلف امرء أنه لا يتكلم ساعة من النهار، فأقام في تلك الساعة


١ ذلك لأن الشارع علق المؤاخذة والأحكام على ما يتكلم وينطق الإنسان به دون ما يجول في نفسه، من الحديث والوسوسة، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تكلم أو تعمل به". وسيورد المؤلف نص الحديث قريباً.
وقد نقل الخطابي الإجماع على معنى ذلك حيث قال: وأجمعوا على أنه لو عزم على الظهار لم يلزمه حتى يلفظ به،- قال: وهو بمعنى الطلاق وكذلك لو حدث نفسه بالقذف لم يكن قاذفاً، ولو حدث نفسه في الصلاة لم يكن عليه إعادة، وقد حرم الله تعالى الكلام في الصلاة، فلو كان حديث النفس بمعنى الكلام لكانت صلاته تبطل. انظر: (معالم السنن ٣/ ١٣٥) .
وقال ابن قدامة المقدسي- في مسألة العتق: ويحصل العتق بالقول والملك والاستيلاد،- ثم قال: ولا يحصل بالنية المجردة، لأنه إزالة ملك فلا يحصل بالنية المجردة كسائر الإزالة – وقال: "ولو قال. عبدي حر نطقاً ثم قال لم أنو بما قلت عتقه حكم بعتق العبد ولم يلتفت إلى نيته". (المغني: ١٠/ ٢٩٣ – ٢٩٤) .

<<  <   >  >>