للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحدث نفسه بأشياء، ولا ينطق بها، كان باراً غير حانث، ولو كان الكلام هو ما في النفس حنث في أول ما يحدث به نفسه١.

فإن قيل: الأيمان إنما تعلق بالعرف فلذلك لم يحنث إذا لم ينطق.

قيل: هذا أعظم الحجج عليكم لأنكم أُلجئتم إلى إقرار بأن عرف الناس كافة، هو: أن حقيقة الكلام هي النطق الذي لا يعرى عن حرف وصوت، دون ما في النفس. ولو كان الكلام من الفؤاد على ما زعموا لم يجز أن يوصف الله سبحانه بالكلام أصلاً؛ لأنه ليس بذي فؤاد تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً٢.


١ حكى ابن قدامة إجماع الفقهاء على ذلك فقال: "واتفق العلماء بأجمعهم على أن من حلف لا يكلم فحدث نفسه بشيء دون أن ينطق بلسانه لم يحنث ولو نطق حنث". انظر: (روضة الناظر ٩٨) .
ويشهد لذلك قضية الكلام في الصلاة فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس".
وقد اتفق العلماء على أن المصلي إذا تكلم في الصلاة عامداً لغير مصلحتها بطلت صلاته. واتفقوا كلهم على أن ما يقوم بالقلب من تصديق بأمور دنيوية وطلب لا يبطل الصلاة، وإنما يبطلها التكلم بذلك. فعلم اتفاق المسلمين على أن هذا ليس بكلام. انظر: (شرح الطحاوية: ١٩٩) و (الإيمان لابن تيمية: ١٢٧) .
٢ منهج السلف في باب أسماء الله وصفاته ٠"أن لا يوصف الله سبحانه إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم" فلا يجوز أن يوصف الله سبحانه إلا بما ورد به النص ولم يرد نص أنه ذو فؤاد ولا أنه ليس بذي فؤاد، فلا يثبت ولا ينفى لعدم ورود النص. والله أعلم.

<<  <   >  >>