للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنقلت١ عليهم؛ لأن القول لما كان في الحقيقة هو الحروف المتسقة٢ المسموعة، والذي من المنافقين بخلاف ذلك بين الله سبحانه أنهم قالوه في أنفسهم.

ونحن لا ننكر تجويز العرب وسائر العقلاء أن يقال: قلت في نفسي، وحدثت نفسي، وإنما نقول: إن ذلك تجوز واتساع وليس بحقيقة الكلام لما ذكرنا أولاً من تعلق الأحكام بما هو حروف دون ما في النفس٣.

وأما تعلقهم بقوله جل جلاله: {فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَاناً} ٤ فمثل الأول والقول في النفس مجاز وإنما سمي بذلك لأنه يصير في ثاني الحال قولاً، والعرب تسمي الشيء باسم الشيء إذا كان قريباً منه أو كان منه بسبب٥.


١ كذا في الأصل، ولعلها: فتقلب.
٢ في الأصل المشتقة وهو خطأ من الناسخ؛ لأن الحروف ليست من المشتقات.
٣ تقدم ذلك في أول هذا الفصل.
٤ سورة يوسف آية (٧٧) .
٥ قال الثعالبي: "العرب تسمي الشيء باسم غيره إذا كان مجاوراً له أو كان منه بسبب كتسميتهم المطر بالسماء؛ لأنه منها ينزل وفي القرآن: {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً} أي المطر، وكما قال جل اسمه: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً} أي عنباً ولا خفاء بمناسبتها ..." انظر: (فقه اللغة وسر العربية ٤٨٤ – ٤٨٥) .

<<  <   >  >>