للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشح كتبه بمدح أصحاب الحديث واستدل على الأقاويل بالأحاديث في الظاهر، وأكثر الثناء على أحمد بن حنبل رحمة الله عليه، وأشار في رسائل له إلى أنه كان يعرف الكلام، وأنه لا خلاف بين أحمد والأشعري١ وهذا من رقة الدين، وقلة الحياء.

(٩) ومنها: ما أظهره متأخروهم و ... ٢ منهم وهو أن القرآن إذا كتب بمداد فيه نجس أو رمي المصحف في الخلاء، أو طرح عليه قذر على سبيل العمد لم يجب فيه كبير نكير٣.


١ أما استدلاله بالأحاديث فملاحظ في كتبه غير أنه يؤولها حسب اعتقاده كما فعل في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدو ... " أوله بأن المراد: لا تسافروا بكتابة القرآن، لأنه يعتقد أن ما في المصحف كتابة القرآن وليس هو القرآن.
انظر: (الإنصاف ص ١٣٧) .
وأما قوله: (إن الإمام أحمد كان يعرف الكلام ... ) فلم أقف عليه في شيء من كتبه (التي اطلعت عليها) .
٢ في الأصل كلمة لم أتبينها.
٣ لم أجد تخريج هذا القول من كتب القوم التي وقفت عليها، لكن ذكر عنهم ابن تيمية نحوه وعزاه للجهال والغالية منهم، وليس هو قول أهل العلم بالمقالة والإيمان بالشريعة منهم، فإن هؤلاء يعظمون المصحف ويعرفون حرمته، ويوجبون له ما أوجبته الشريعة من الأحكام.
ثم بين السبب الذي دعا أولئك إلى إنكار حرمة المصحف فقال: لكن جهالهم وغاليتهم إذا تدبروا حقيقة قول مقتصديهم: إن القرآن العربي لم يتكلم الله به وإنه ليس إلا معنى واحد قائم بالذات، وأصوات العباد، ومداد المصاحف يدل على ذلك المعنى، وإنه ليس لله في الأرض كلام في الحقيقة، وليس في الأرض إلا ما هو دال على كلام الله ... وكلام الله إن عبر عنه بالعربية كان قرآنا، وإن عبر عنه بالعبرية كان توراة وإن عبر عنه بالسريانية كان إنجيلاً وهو معنى واحد لا يتعدد ولا يتبعض، ولا يتكلم الرب بمشيئته وقدرته إلى أمثال ذلك من حقائق قول المقتصدين اسقطوا حرمة المصحف وربما داسوه ووطؤوه وربما كتبوه بالعذرة وغيرها.
ذلك لأنهم لم يروا في المصحف أكثر من كونه دليلاً على كلام الله وليس فيه كلام الله حقيقة، فلم يوجبوا له احتراما، كالدليل على الخالق المتكلم بالكلام فإن الموجودات كلها أدلة عليه ومع ذلك لا يجب احترامها.
انظر: مجموع الفتاوى: ١٢/ ٣٨١-٣٨٢، ٨/٤٢٥.

<<  <   >  >>