وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي" أخرجه الترمذي من حديثه ومن حديث أنس في كتاب القيامة باب ١١ جـ٤/٦٢٥، وابن ماجة في كتاب الزهد باب ٣٧ ج٢/١٤٤١، وأحمد في المسند ٣/٢١٣، وانظر أيضاً كتاب الرقاق من صحيح البخاري باب ٥١ ج٧/٢٠٤- ٢٠٦، وكتاب التوحيد باب ٣١ ج٨/١٩٢. وقال الإمام أحمد: "والشفاعة يوم القيامة حق، يشفع قوم في قوم فلا يصيرون إلى النار، ويخرج قوم من النار بشفاعة الشافعين، ويخرج قوم من النار بعدما دخلوها ولبثوا فيها ما شاء الله ثم يخرجهم من النار". (انظر رسالة السنة ص٧٣، وانظر أيضاً التوحيد لابن خزيمة ص٢٤١- ٣١٧، والشريعة للآجري ص٣٣١، والفرق بين الفرق ص٣٤٨، والفصل لابن حزم ٤/٣، ٦٤) . وقال ابن أبي زمنين: "وأهل السنة يؤمنون بالشفاعة، وقال عز وجل: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} (انظر أصول السنة/ ق/ ٩/ ب) . وقال ابن تيمية: "أما شفاعته لأهل الذنوب من أمته فمتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين الأربعة وغيرهم وأنكرها كثير من أهل البدع من الخوارج والمعتزلة والزيدية" (انظر مجموع الفتاوى ١/ ١٤٨، و١١/ ١٨٤، ١٨٥) . وقال السفاريني: "شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم نوع من السمعيات وردت بها الآثار حتى بلغت مبلغ التواتر المعنوي، وانعقد عليها إجماع أهل الحق من السلف الصالح قبل ظهور المبتدعة" (انظر لوامع الأنوار ٢/ ٢٠٨) . وقد أنكر الخوارج والمعتزلة الشفاعة، وردوا النصوص الصريحة في ذلك وقد سبق أن أشرت إلى مقالتهم في الإجماع السابق، وانظر شرح الأصول الخمسة لعبد الجبار ص٦٨٨- ٦٩٣. ومما ينبغي التنبيه عليه هنا هو أن الشفاعة لا تكون إلا لمذنبي أهل القبلة الموحدين فقط، أما من أشرك بالله سبحانه وتعالى بأي لون كان من ألوان الشرك - لم يتب - فليس له نصيب في الشفاعة، وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه". انظر البخاري كتاب العلم باب ٣٣ ج١/٢٣٣، وكتاب الرقاق باب ٥١ ج٧/٢٠٤، ومسند أحمد ٢/٣٧٣. والشفاعة أنواع متعددة، يطول بنا الكلام لو ذكرت، وقد أشار الإمام أحمد إلى ذلك في كلامه السابق. وانظر شرح الطحاوية ص١٧٤- ١٧٨) .