٢ أجمع أهل السنة على الإيمان بالصراط، وأنه جسر ممدود على ظهر جهنم، وقالوا: إن المراد من قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا} المرور على الصراط في أرجح الأقوال. (انظر الفصل لابن حزم ٤/٢٦٦.، وعقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني ١/١٢١، ومجموع الفتاوى ٤/٢٧٩، ولوامع الأنوار ٢/١٨٩) . وقال شارح الطحاوية: "واختلف المفسرون في المراد بالورود المذكور في قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا} ما هو؟ والأظهر والأقوى أنه المرور على الصراط. قال: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً} وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده لا يلج النار أحد بايع تحت الشجرة، قالت حفصة: فقلت يا رسول الله: أليس الله يقول: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا} ؟ فقال: ألم تسمعيه قال: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً} والحديث في مسلم بنحو هذا المعنى" (انظر شرح الطحاوية ص٣٦٤) . والحديث الذي ذكره أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة باب ٣٧ ج٤/١٩٤٢، وأحمد في المسند ٦/٤٢٠، وابن أبي عاصم في السنة، وقال الألباني: إسناده جيد على شرط مسلم وقد أخرجه. انظر السنة ٢/٤١٤. ٣ أجمع أهل السنة على أن الله لا يخلد في النار من كان في قلبه شيء من الإيمان إذا أدخله فيها، وقد جاءت النصوص بذلك، منها ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ثم يقول الله تبارك وتعالى: أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيخرجون منها قد اسوّدوا... الحديث". أخرجه البخاري في كتاب الإيمان باب ١٥ ج١/١١، ومسلم في كتاب الإيمان باب ٨٢ ج١/١٧٢، وابن أبي عاصم في السنة ٢/٤٠٥، وأحمد في المسند ٣/٥٦، والآجري في الشريعة ص٣٤٥، وقد عقد ابن خزيمة في كتابه التوحيد باباً في ذلك وساق فيه كثيراً من الروايات المؤيدة لهذا المذهب الحق. انظر ص٢٨٦، وهكذا فعل ابن مندة في كتابه الإيمان انظر ٣/٧٨٣، والبيهقي في الاعتقاد ص٨٨. وقال الإمام أحمد: "ويخرج قوم من النار بعدما دخلوها ولبثوا فيها ما شاء الله، ثم يخرجهم من النار". (انظر السنة ص٧٣، ٧٤) . وقال الطحاوي: "وأهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في النار لا يخلدون إذا ماتوا وهم موحدون، وإن لم يكونوا تائبين بعد أن لقوا الله عارفين، وهم في مشيئته وحكمه إن شاء غفر لهم وعفا عنهم بفضله كما ذكر عز وجل في كتابه: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وإن شاء عذبهم في النار بعدله، ثم يخرجهم منها برحمته وشفاعة الشافعين من أهل طاعته، ثم يبعثهم إلى جنته" (انظر شرح الطحاوية ص٣١٧) . وقال ابن أبي زمنين: "وأهل السنة يؤمنون بأن الله عز وجل يدخل ناساً الجنة من أهل التوحيد بعدما مستهم النار برحمته تبارك وتعالى اسمه، وبشفاعة الشافعين". (انظر أصول السنة/ ق/ ٩/ ب، وانظر الفرق بين الفرق للبغدادي ص٣٤٨، والفصل لابن حزم ٤/٤٥، وعقيدة السلف وأصحاب الحديث للحافظ الصابوني ١/١٢٤، ١٢٥، ومجموع الفتاوى لابن تيمية ٣/٣٧٥. وقد خالف الخوارج والمعتزلة في ذلك، حيث ذهبوا إلى أن مرتكب الكبيرة مخلد في النار تنفيذاً لوعيد الله لهم، وغاب عنهم الموانع التي ذكرها الله في القرآن والسنة من إنفاذ هذا الوعيد مثل التوحيد وكثرة الحسنات الماحية، وكثرة المصائب المكفرة، وإقامة الحدود في الدنيا... إلى غير ذلك. انظر تفصيل مقالتهم في شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص٦٦٦، ومقالات الإسلاميين ١/١٦٨، والفصل لابن حزم ٤/٤٤- ٥٨، والملل والنحل ١/٥٠، ١٠٥، ولوامع الأنوار للسفاريني ١/٣٧٠، ٣٧١.