للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جميع أنواع العبودية التي على القلب والجوارح.

وبيان ذلك أن العبد إذا علم بتفرد الرب تعالى بالضر والنفع والعطاء والمنع والخلق والرزق والإحياء والإماتة فإن ذلك يثمر له عبودية التوكل عليه باطناً، ولوازم التوكل وثمراته ظاهراً.

وإذا علم بأن الله سميع بصير عليم لا يخفى عليه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، وأنه يعلم السر وأخفى، ويعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، فإن هذا يثمر له حفظ اللسان والجوارح وخطرات القلب عن كل ما لا يرضى الله، وأن يجعل تعلقات هذه الأعضاء بما يحبه الله ويرضاه.

وإذا علم بأن الله غني كريم بر رحيم واسع الإحسان فإن هذا يوجب له قوة الرجاء، والرجاء يثمر أنواع العبودية الظاهرة والباطنة بحسب معرفته وعلمه.

وإذا علم بكمال الله وجماله أوجب له هذا محبة خاصة وشوقاً عظيماً إلى لقاء الله، وهذا يثمر أنواعاً كثيرة من العبادة.

وبهذا يُعلم أن العبودية كلها راجعة إلى مقتضيات الأسماء والصفات١.

فإذا عرف العبد ربه المعرفة الحقيقية المطلوبة السالمة من طرق أهل الزيغ في معرفة الله والتي تبنى على تحريف الأسماء والصفات أو تعطليها أو تكييفها أو تشبيهها، فمن سلم من هذه المناهج الكلامية


١ انظر مفتاح دار السعادة لابن القيم (ص ٤٢٤، ٤٢٥) وانظر نحوه بأوسع منه في الفوائد له (ص ١٢٨- ١٣١) .

<<  <   >  >>