[المبحث الأول: في ذكر سبب نشوء الخلاف في هذه المسألة]
بعد طول العرض لأقوال الناس في هذه المسألة من قائل بزيادة الإيمان ونقصانه إلى قائل بالزيادة دون النقصان إلى قائل بعدم الزيادة والنقصان قد ينقدح في ذهن القارىء تساؤل يطلب جوابه، وهو ما الذي أثار هذه القضية بين المسلمين، وجعلها تبحث هذا البحث، ويدور حولها هذا الجدل الطويل العريض بين متجاذبين منهم المحق ومنهم المبطل؟
أما كان الناس زمن الصحابة رضي الله عنهم يقرأون القرآن الكريم ويسمعون السنة النبوية ويعلمون منهما أن الإيمان يزيد وينقص، ويحس بذلك كل واحد منهم في نفسه وفي إخوانه وجلسائه، ولأجله كانوا يجلسون مجال ذكر وإيمان يطلبون فيها زيادة الإيمان ويجانبون مجالس اللغو واللهو، ويحذرون منها خشية نقصان الإيمان، ولا يعرف في أزمانهم مخالف لهم في ذلك، بل إن ذلك يعد بمثابة الإجماع منهم. فما الذي جعل بعض من جاء بعدهم يتشكك في هذا الأمر، ويستريب منه، ويضع دونه شبهاً واستفهامات؟
وما الذي جعل البعض يدعي أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص رغم وضوح الأمر وبيانه وعدم خفائه حتى إنه ليقال فيه إنه أمر معلوم من الدين بالضرورة؟