[المبحث الأول: بيان قول أهل السنة في الاستثناء ومأخذهم فيه وأدلتهم عليه]
إن مجمل قول أهل السنة والجماعة في هذه المسألة هو أن الاستثناء في الإيمان جائز مشروع؛ لأن الإيمان عندهم شامل للاعتقادات والأقوال والأعمال، فإذا سئل أحدهم هذا السؤال استثنى في إيمانه مخافة عدم تكميل الأعمال التي بكمالها يكمل الإيمان فيقول أحدهم إذا أجاب أنا مؤمن إن شاء الله، أو مؤمن أرجو أو نحو ذلك.
وليس هذا منهم شكاً في أصل الإيمان معاذ الله. فهم أعلى وأرفع من ذلك، وإنما هو ترك لتزكية النفس والشهادة لها بتكميل الأعمال لهذا وقع منهم الاستثناء في الإيمان.
ولهم على ذلك دلائل وشواهد كثيرة من الكتاب والسنة يأتي ذكرها قريباً وعلى هذا مضى مذهبهم واتفقت كلمتهم.
قال يحيى بن سعيد القطان:"ما أدركت أحداً من أصحابنا ولا بلغنا إلا على الاستثناء"١.
وقال الوليد بن مسلم: "سمعت أبا عمرو يعني الأوزاعي ومالك بن أنس وسعيد بن عبد العزيز ينكرون أن يقول أنا مؤمن ويأذنون في
١ رواه الخلال في السنة (٣/ ٥٩٥) ، وعبد الله في السنة (٩/٣١٠) ، والآجري في الشريعة (ص ١٣٨) ، وابن بطة في الإبانة (٢/٨٧١) .