المبحث الثالث:في بيان موقفهم من النصوص الدالة على زيادة الإيمان ونقصانه، والرد عليهم
لقد ذكرت في صدر هذه الرسالة عند ذكر عقيدة أهل السنة والجماعة في مسألة زيادة الإيمان ونقصانه نصوصاً كثيرة من الكتاب والسنة تدل بوضوح وجلاء على أن الإيمان يزيد وينقص، وضوحاً لا يقبل الرد أو التأويل، وذكرت هناك أن موقف أهل السنة والجماعة منها هو القبول والتسليم كما هم كذلك في جميع نصوص الشرع لا يقدمون بين يدي الله ورسوله رأياً ولا عقلاً ولا غير ذلك، لكن القائلين بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص وجدوا أن هذه النصوص تتعارض مع نتاج فكرهم وما توصلوا إليه بآرائهم فلم يجدوا بداً من تأويلها وصرفها عن ظاهرها الصريح إلى صنوف من التأويلات، وألوان عجيبة من التحريفات، حتى إن قارىء كتبهم والمطلع عليها ليلمس فيهم عند إيرادهم لنصوص الشرع أنهم إنما أوردوها ليشرعوا في ردها وتأويلها شروع من قصد ذلك أصلاً وابتداء وكيفما اتفق له ذلك الرد أو التأويل.
ولا ريب في فساد هذا المنهج وبطلانه وانحرافه وبعده عن الجادة السوية المرضية، بل إن معظم الفساد العقدي والانحراف الديني الذي منيت به أكثر الفرق الإسلامية إنما كان بسبب ذلك وثمرة من ثمراته.
وما من شك أن هذا الباب لو فتح- أعني باب التأويل- لولج كل مبطل بباطله، وادعى أن نصوص الوحي تدل عليه، ثم تأول النصوص