للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومد بينه وبينهم من عهده أقوى الأسباب، فأتم عليهم نعمه السبغة، وأقام عليهم حجته البالغة، أفاض عيهم النعمة، وكتب على نفسه الرحمة، وضمن الكتاب الذي كتبه أن رحمته تغلب غضبه"١.

فمن كانت معرفته لله كذلك، وتفقه في هذه البصيرة، كان من أقوى الناس إيماناً، وأحسنهم إجلالاً وتعظيماً ومراقبة لله عز وجل، وأكثرهم طاعة وتقرباً إليه، والناس في ذلك متفاوتون فمقل ومستكثر.

الثالث- تأمل سيرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم:

فإن من أسباب زيادة الإيمان النظر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ودراستها وتأمل ما ذكر فيها من نعوته الطيبة، وخصاله الكريمة، وشمائله الحميدة، فهو أمين الله على وحيه، وخيرته من خلقه، وسفيره بينه وبين عباده، المبعوث بالدين القويم، والمنهج المستقيم، أرسله الله رحمة للعالمين، وإماماً للمتقين، وحجة على الخلائق أجمعين، أرسله على حين فترة من الرسل فهدى به إلى أقوم الطرق وأوضح السبل، وافترض على العباد طاعته وتعزيره، وتوقيره ومحبته، والقيام بحقوقه، وسد دون الجنة الطرق فلن تفتح لأحد إلا من طريقه، فشرح له صدره، ورفع له ذكره، ووضع عنه وزره، وجعل الذلة والصغار على من خلف أمره بل ولا سبيل لأحد جاء بعده في نيل السعادة في الدنيا والآخرة إلا باتباعه وطاعته والسير على نهجه.

قال ابن القيم رحمه الله:"ومن ها هنا تعلم اضطرار العباد فوق كل ضرورة إلى معرفة الرسول وما جاء به، وتصديقه فيما أخبر به، وطاعته


١ مدارج السالكين (١/١٢٤، ١٢٥) ، وانظر أيضاً المدارج (٣/٢٥٢، ٢٥٣) والوابل الصيب لابن القيم (ص ١٢٥- ١٢٩) .

<<  <   >  >>