للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال رحمه الله:"ومنهم من يهتدي بمعرفته بحاله صلى الله عليه وسلم وما فطر عليه من كمال الأخلاق والأوصاف والأفعال، وأن عادة الله أن لا يخزي من قامت به تلك الأوصاف والأفعال، لعلمه بالله ومعرفته به، وأنه لا يخزي من كان بهذه المثابة، كما قالت آم المؤمنين خديجة رضي الله عنها له صلى الله عليه وسلم:"أبشر فوالله لن يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقرى الضيف وتعين على نوائب الحق"١"٢.

وقال ابن سعدي رحمه الله:"ومن طرق موجبات الإيمان وأسبابه معرفة النبي صلى الله عليه وسلم، ومعرفة ما هو عليه من الأخلاق العالية، والأوصاف الكاملة، فإن من عرفه حق المعرفة لم يرتب في صدقه وصدق ما جاء به من الكتاب والسنة، والدين الحق، كما قال تعالى: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} ٣، أي: فمعرفته صلى الله عليه وسلم توجب للعبد المبادرة للإيمان ممن لم يؤمن، وزيادة الإيمان ممن آمن به.

وقال تعالى حاثاً لهم على تدبر أحوال الرسول الداعية للإيمان: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} ٤.

وأقسم تعالى بكمال هذا الرسول وعظمة أخلاقه، وأنه أكمل مخلوق بقوله {نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ* مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ* وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ* وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ٥.


١ رواه البخاري (١/ ٢٣ فتح) ومسلم (١/ ١٤١) وهو جزء من حديث طويل.
٢ مفتاح دار السعادة (ص/٣٤٠) وانظره أيضاً (ص/ ٣٢٣) .
٣ سورة المؤمنون، الآية: ٦٩.
٤ سورة سبأ، الآية: ٤٦.
٥ سورة القلم، الآيات: ١- ٤.

<<  <   >  >>