للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتهلككم كما أهلكتهم"متفق عليه١ وفي لفظ لهما:"تلهيكم كما ألهتهم" ٢.

وغيرها من النصوص وهي كثيرة، فلا بد لمن أراد لإيمانه النمو والقوة والسلامة من الضعف والنقص أن يجاهد نفسه في البعد عن الدنيا وفتنها ومغرياتها وملهياتها وما أكثرها٣.

ولا يتم له ذلك ولا يتحقق إلا بعد النظر في أمرين:

الأول: النظر في الدنيا وسرعة زوالها وفنائها واضمحلالها ونقصها وخستها وألم المزاحمة عليها والحرص عليها، وما في ذلك من الغصص والنغص والأنكاد.

وآخر ذلك الزوال والانقطاع مع ما يعقب من الحسرة والأسف، فطالبها لا ينفك من هم قبل حصولها، وهم في حال الظفر بها، وغم وحزن بعد فواتها.

والثاني: النظر في الآخرة وإقبالها ومجيئها ولا بد، ودوامها وبقائها، وشرف ما فيها من الخيرات والمسرات، والتفاوت الذي بينه


١ البخاري (٦/ ٢٥٨، ٧/٣٢٠ فتح) ومسلم (٤/ ٢٢٧٤) من حديث عمرو بن عوف رضي الله عنه.
٢ البخاري (١١/ ٢٤٣ فتح) ومسلم (٤/ ٢٢٧٤) .
٣ وانظر لزاماً ما كتبه ابن الجوزي في كتابه صيد الخاطر (ص ٢٥ وما بعدها) في بيان ما الذي يذم من الدنيا وما الذي لا يذم فإن نعيم الدنيا بحد ذاته لا يذم مطلقاً، فإن الله قد تمدح به في القرآن الكريم في غير موضع، وإنما الذي يذم منها هو فعل الجهال والعصيان والإشتغال بها عن الآخرة واستعمال نعيمها في غير مرضاة الله تعالى.

<<  <   >  >>