للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مرتكب الكبيرة من الإيمان؟!

ولقد فهم المبتدعة من كلام الله في كتابه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم في الثابت عنه ما يوافق مذاهبهم، وليس العيب في النص تنزه كلام الله ورسوله عن ذلك، بل العيب في فهمهم على حد قول الشاعر:

وكم من عائب قولاً صحيحاً

وآفته من الفهم السقيمٍ

ولم يمنع فهمهم من نص شرعي موافقة مذهبهم أن يتلى النص ويبلغ ويتداول.

وعليه فإني أرى أنه ليس من اللائق أبداً أن يؤول قول الإمام على ذلك وأن يفهم من قوله هذا الفهم الفاسد، ولو كان رحمه الله يخشى ما فهمه هؤلاء لقال بما جاء به النص:"الإيمان يزيد وينقص"ثم بيّن للسائل أنه لا يلزم من القول بنقصه أنه يكفر، إذ لا تلازم بينهما، أو نحو هذا مما يبين السبيل ويزيل الإشكال إن وجد. والله أعلم.

وعلى كل فالإمام رحمه الله نص على أنه ترك القول بالنقص لعدم ورود النص، فلا حاجة بنا بعد إلى مثل هذه التعليلات.

وأيضاً فالإمام ثبت عنه القول بزيادة الإيمان ونقصانه وترك قوله الأول، بل إن قوله الأخير هو المعروف عنه عند أهل العلم كما قال أحمد بن القاسم تذاكرنا من قال الإيمان يزيد وينقص فعد الإمام أحمد غير واحد ثم قال: ومالك بن أنس يقول: يزيد وينقص، فقلت له إن مالكاً يحكون عنه أنه قال: يزيد ولا ينقص١.


١ قلت: لم يرد عن مالك رحمه الله أنه قال إن الإيمان يزيد ولا ينقص وإنما الذي ورد عنه هو التوقف في النقصان لا نفيه، فلعل هذا الحاكي فهم من النصوص الواردة عنه في أن الإيمان يزيد مع التوقف في النقصان أنه يقول بعدم النقصان، وهذا ليس بلازم كما هو معلوم.

<<  <   >  >>