للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"هم فوقنا في كل علم وعقل ودين وفضل، وكل سبب ينال به علم أو يدرك به هدى، ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا"١.

فإذا كانوا بهذه المثابة والمنزلة وهم كذلك، وقد اتفقوا على أن الإيمان يزيد وينقص، ومستندهم في ذلك الكتاب والسنة، فلا يجوز لأحد أن يعدل عن قولهم لشبه عقلية وخيالات وهمية٢، ما هي إلا {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ} ، هذا على سبيل الإجمال.

أما التفصيل، فهو في نقد حججهم السالفة الذكر، ونقضها شبهة شبهة.

أولاً - قولهم: إن الإيمان لا ينقص:

لأنه هو التصديق، والتصديق إذا صار شكاً، لكنه يزيد.

قلت: وهذا قول باطل مناقض للحق والواقع، أما الحق: فقد بينت في مبحث أوجه زيادة الإيمان ونقصانه أن الحق الذي لا ريب فيه في التصديق أنه يزيد وينقص ويقوى ويضعف، ولا يلزم من ضعفه أن يكون شكاً أو كفراً حاشا وكلا، بل يضعف تصديق الشخص عن درجة اليقين الكامل إلى درجة أضعف دون أن يكون ذاهب التصديق كلية، أو مرتاباً


١ نقض المنطق (ص ١٣٠) .
٢ قلت: ولم يكتف بعض أهل البدع بالعدول عن مذهب أهل السنة فحسب، بل، صاروا يلمزونهم ويشنعون عليهم ويصفونه بـ "النقصانية"؛ لقولهم بنقص الإيمان، وبـ"المخالفة"؛ لمخالفتهم ما عليه أهل البدع.
ولهذا يقول أبو حاتم الرازي وهو يعدد بعض علامات أهل البدع: " ... تسميتهم أهل السنة مخالفة ونقصانية.."
انظر شرح الاعتقاد للالكائي (١/ ١٧٩، ٣/ ٥٣٣) .

<<  <   >  >>