للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن من كان مؤمناً لم يكن معه شيء من الكفر والنفاق، وظن بعضهم أن هذا إجماع كما ذكر الأشعري أن هذا إجماع فهذا كان أصل الإرجاء ... فلما كان هذا أصلهم صاروا حزبين. قالت الخوارج والمعتزلة قد علمنا يقيناً أن الأعمال من الإيمان فمن تركها فقد ترك بعض الإيمان، وإذا زال بعضه زال جميعه لأن الإيمان لا يتبعض، ولا يكون في العبد إيمان ونفاق فيكون أصحاب الذنوب مخلدين في النار إذ كان ليس معهم من الإيمان شيء..

إلى أن قال: فقالت الجهمية والمرجئة: قد علمنا أنه ليس يخلد في النار أي مرتكب الكبيرة- وأنه ليس كافراً مرتداً بل هو من المسلمين، وإذا كان من المسلمين وجب أن يكون مؤمناً تام الإيمان، ليس معه بعض الإيمان لأن الإيمان عندهم لا يتبعض فاحتاجوا أن يجعلوا الإيمان شيئاً واحداً يشترك فيه جميع أهل القبلة"١.

أما كون الإيمان لا يجتمع معه شيء من شعب الكفر أو النفاق، فقد سبق أن أبطلته مستدلاً على إبطاله بنصوص كثيرة٢، وكذلك جعل الإيمان كلاً واحداً لا يتجزأ إذا ذهب بعضه ذهب كله سبق التنبيه على بطلانه٣. وأما عن موقف أهل السنة والجماعة من هذه المواقف الثلاثة أي من موقف الخوارج والمعتزلة، والمرجئة فيتلخص في: "أن أهل السنة متفقون كلهم على أن مرتكب الكبيرة لا يكفر كفراً ينقل عن الملة بالكلية كما قالت الخوارج، إذ لو كفر كفراً ينقل عن الملة لكان مرتداً يقتل على كل حال، ولا يقبل عفو ولى القصاص، ولا تجري الحدود في


١ الفتاوى (١٣/ ٤٨، ٥٥) .
٢ انظر ما سبق في (ص ٣٥٣ وما بعدها، وص ٣٨٠ وما بعدها) .
٣ انظر ما سبق في (ص ٣٥٠ وما بعدها) .

<<  <   >  >>