اتبعوا أهواءهم، فلم يأخذوا الأدلة الشرعية مأخذ الإفتقار إليها والتعويل عليها، بل قدموا أهواءهم واعتمدوا على
آرائهم. ثم جعلوا الأدلة الشرعية منظوراً فيها من وراء ذلك.
والثالث: التصميم على اتباع العوائد، وإن فسدت أو كانت مخالفة للحق.
ذكر هذه الأسباب الشاطبي في كتابه "الاعتصام"مفصلة ثم قال:
"وهذه الأسباب الثلاثة راجعة في التحصيل إلى وجه واحد وهو: الجهل بمقاصد الشريعة، والتخرص على معانيها بالظن من غير تثبت أو الأخذ فيها بالنظر الأول، ولا يكون ذلك من راسخ في العلم، ألا ترى أن الخوارج كيف خرجوا عن الدين كما يخرج السهم من الصيد المرمي؟ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفهم بأنهم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يعني- والله أعلم- أنهم لا يتفقهون به حتى يصل إلى قلوبهم لأن الفهم راجع إلى القلب، فإذا لم يصل إلى القلب لم يحصل فيه فهم على حال وإنما يقف عند محل الأصوات والحروف فقط، وهو الذي يشترك فيه من يفهم ومن لا يفهم"١.
فالجهل بدين الله، وعدم البصيرة فيه، وترك التفقه في الكتاب والسنة، وعدم التعويل عليهما، والرجوع إليهما في مسائل الدين، أصل كل ضلال، وجميع ما مر بنا من بدع وأخطاء ومخالفات في مسائل الإيمان، وكذلك ما لم يمر فيه وفي غيره، مرجعه الرئيس وأساسه الأول، هو هذا.