للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهكذا يزعم جميع هؤلاء وغيرهم أن الخلاف في المسألة لفظي، وإنني لأتساءل كيف يكون لفظياً وهو يناقض القرآن والسنة، ويخالفهما تماماً، وهو على الضد تماماً لما جاء فيهما، حتى أوقع أهله في مصادمات صريحة ومعارضات واضحة لنصوص الوحي المصرحة بزيادة الإيمان ونقصانه، مما أداهم إلى التكلف في تأويلها وصرفها عن ظاهرها، وعدم التسليم لها، كما سبق تفصيله وبيان ما ترتب عليه من فساد وشر في مبحث مستقل، فلو كان كما يقولون إنه لفظي فما الداعي إلى تلك التأويلات المتكلفة والتعسفات الواضحة في حمل النصوص على غير ظواهرها، أفلا أراحوا المسلمين من ذاك الغثاء إن كان الخلاف لفظياً؟

بل كيف يكون لفظياً والقولان متضادان تماماً ومتغايران، أحدهما ينفي، والآخر يثبت في شيء واحد فهل من جمع بين ضدين أو تأليف بين نقيضين، فلو قال أحد- على سبيل المثال- عن شيء هو موجود، وقال غيره هو غير موجود، هل يمكن أن يقال إن خلافهما لفظي، إلا بتفلسفات متعسفة أو منطقيات متكلفة، ما أنزل الله بها من سلطان.

وكيف يكون الخلاف لفظياً وقولهم هذا يؤدي إلى إضعاف الإيمان، وعدم الاكتراث بأموره، والتهوين من شأن زيادته وقوته، فإن العلماء إذا قالوا للناس إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص وأهله متساوون فيه، وإيمان جبريل والأنبياء والإيمان أفجر الناس واحد، ولا تفاضل بين الناس في الإيمان فهل ينتظر بعد ذلك من الناس الإقبال على أمور الإيمان ومتطلباته علماً وعملاً، لا إخال ذلك يحصل البتة.

ولهذا يقول المعلمي رحمه الله تعالى في رده على الكوثرى: "وهذا القول- أي أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، والأعمال ليست من

<<  <   >  >>