للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشرعية

قلت: وليتأمل كلامه رحمه الله فهو يدل على علم جم، وفهم ثاقب، ومعالجات حكيمة، أسكن الله قائله فراديس جناته.

ولهذا صرح بعض محققي هؤلاء بأن الخلاف في المسألة جوهري وليس لفظياً، كما سبق النقل عن بعضهم في ذلك، مثل النووي والألوسي وغيرهما، حتى إن الألوسي رحمه الله قال: "والحق أن الخلاف حقيقي، وأنا التصديق يقبل التفاوت.. وما علي إذا خالفت في بعض المسائل مذهب الإمام الأعظم أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه، للأدلة التي لا تكاد تحصى، فالحق أحق بالإتباع، والتقليد في مثل هذه المسائل من سنن العوام"٢.

ثم كيف يكون الخلاف لفظياً رقد كفر بعض هؤلاء من قال إن الإيمان يزيد وينقص وبدعوه، وحرموا تزويجه، وتجرأوا بذلك على صدر هذه الأمة من صحابة وتابعين الخيار العدول، فالقول بزيادة الإيمان ونقصانه قولهم، والكتاب والسنة هو مستندهم فيه، فهل يجرؤ على تبديع هؤلاء فضلاً عن تكفيرهم إلا من سفه نفسه وحكم بغيها؟!

ولئن عد الخلاف مع بعض هؤلاء لفظياً- تجوزاً- لخفة غلطهم عن غيرهم ممن زاد في الغلو وأوغل في الضلال، فإنه لا يعد كذلك بأي حال من الأحوال ولا أي وجه من الوجوه مع أولئك الذين أوغلوا في الضلال فكفروا من قال إن الإيمان يزيد وينقص وبدعوه، وكذبوا في ذلك أحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقحموا أموراً عظاماً، ورزاياً جساماً،


١ التنكيل (٢/ ٣٦٥) .
٢ روح المعاني (٩/ ١٦٧) .

<<  <   >  >>