للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على هذا الإيمان ولا يثبت عليه إلى الوفاة١.

ثم حمل هؤلاء جميع الآثار الواردة عن السلف في الاستثناء على هذا المحمل الذي هو أبعد ما يكون عن مراد السلف، ومقصودهم بالاستثناء.

يقول الجويني: "فإن قيل: قد أثر عن سلفكم ربط الإيمان بالمشيئة، وكان إذا سئل الواحد منهم عن إيمانه قال إنه مؤمن إن شاء الله، فما محصول ذلك؟ قلنا: الإيمان ثابت في الحال قطعاً لا شك فيه ولكن الإيمان الذي هو علم الفوز وآية النجاة إيمان الموافاة فاعتنى السلف به وقرنوه بالمشيئة، ولم يقصدوا التشكك في الإيمان الناجز"٢.

فهكذا توهم هؤلاء أن ذلك الذي قالوا هو مراد السلف في الاستثناء بالإيمان بينما الواقع أن هذا الذي نسبوه للسلف ليس مراداً لهم ولا أحد منهم استثنى في إيمانه لهذا الاعتبار، كما قال شيخ الإسلام: "وأما الموافاة فما علمت أحداً من السلف علل بها الاستثناء، ولكن كثيراً من المتأخرين يعلل بها من أصحاب الحديث من أصحاب أحمد ومالك والشافعي وغيرهم، كما يعلل بها نظارهم كأبي الحسن الأشعري وأكثر أصحابه، لكن ليس هذا قول سلف أصحاب الحديث"٣.

فالسلف كانوا يستثنون في الإيمان وهذا متواتر عنهم لكن ليس في هؤلاء من قال: أنا استثني لأجل الموافاة، وأن الإيمان إنما هو اسم لما يوافي به العبد ربه، بل صرح أئمة هؤلاء بأن الاستثناء إنما هو لأن


١ المسامرة (ص ٣٨٣) وانظر المعتمد للقاضي أبي يعلى (ص ١٩٠) .
٢ الإرشاد للجويني (ص ٣٣٦) .
٣ الفتاوى (٧/ ٤٣٩) .

<<  <   >  >>