للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وزدنا هدى وثبتنا عليه"١.

قلت: وهذا يوضح ما جاء عن السلف قولهم:"تعالوا بنا نؤمن ساعة"أي: نردد إيماناً، وسيأتي قريباً إن شاء الله.

وقال ابن سعدي في تفسيره:"اعلم أن الأمر إما أن يوجه إلى من لم يدخل في الشيء ولم يتصف بشيء منه، فهذا يكون أمراً له في الدخول فيه وذلك كأمر من ليس بمؤمن بالإيمان، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ} ٢ الآية.

وإما أن يوجه إلي من دخل في الشيء، فهذا يكون أمره ليصحح ما وجده منه ويحصل ما لم يوجد، ومنه ما ذكره في هذه الآية٣ من أمر المؤمنين بالإيمان، فإن ذلك يقتضي أمرهم بما يصحح إيمانهم من الإخلاص والصدق وتجنب المفسدات والتوبة من جميع المنقصات، ويقتضي أبضاً الأمر بما لم يوجد من المؤمن من علوم الإيمان وأعماله، فإنه كلما وصل إليه نص وفهم معناه واعتقده فإن ذلك من المأمور به، وكذلك سائر الأعمال الظاهرة والباطنة، كلها من الإيمان كما دلّت على ذلك النصوص الكثيرة وأجمع عليه سلف الأمة.. إلى أن قال: وأمره هنا بالإيمان به وبرسله وبالقرآن وبالكتب المتقدمة، فهذا كله من الإيمان الواجب الذي لا يكون العبد مؤمناً إلا به، إجمالاً فيما لم يصل إليه تفصيله، وتفصيلاً فيما علم من ذلك بالتفصيل، فمن آمن هذا الإيمان


١ تفسير ابن كثير (١/٥٦٦) .
٢ سورة النساء، الآية: ٤٧.
٣ أي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} ، سورة النساء، الآية: ١٣٦.

<<  <   >  >>