للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الشعب متفاوتة ليست على درجة واحدة في الفضل، بل بعضها أفضل من بعض، كما هو ظاهر لفظ الحديث في قوله:"أعلاها "وقوله:"أدناها"، فشعب الإيمان منها ما يزول الإيمان بزوالها إجماعاً كشعبة الشهادتين، ومنها ما لا يزول بزوالها إجماعاً كترك إماطة الأذى عن الطريق، وبينهما شعب متفاوتة تفاوتاً عظيماً منها ما يقرب من شعبة الشهادتين، ومنها ما يقرب من شعبة إماطة الأذى"١.

وجميع هذه الشعب والخصال متفرعة، إما عن أعمال القلب، أو أعمال اللسان أو أعمال الجوارح، ونصيب العبد من الإيمان بحسب نصيبه من هذه الشعب قلة وكثرة، قوة وضعفاً، تكميلاً وتقصيراً، تماماً ونقصاً، ولا شك أن الناس متفاوتون في ذلك تفاوتاً عظيماً فقيامهم بهذه الشعب والخصال ليس على درجة واحدة، بل بعضهم أكمل من بعض، فمنهم المحسن ومنهم المسيء، فهذا من أوضح الدلائل على زيادة الإيمان ونقصانه، وتفاضل أهله فيه.

وقد استدل به الترمذي على زيادة الإيمان ونقصانه، فخرجه في باب"ما جاء في استكمال الإيمان وزيادته ونقصانه"، من سننه٢.

وبوب له ابن حبان في صحيحه بقوله:"ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن الإيمان شيء واحد لا يزيد ولا ينقص"٣ثم ذكر حديث أبي هريرة.

وقال ابن مندة بعد ذكره لحديث الشعب في كتابه الإيمان:"والعباد


١ شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (ص ٣٢٢) .
٢ السنن (٥/١٠) .
٣ انظر الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان لابن بلبان (١/ ١٩٤) .

<<  <   >  >>