للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم وكلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل"١.

وإنما معنى كلامه هو أنه خاف من النفاق حيث كان يحصل له الخوف في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم ويظهر مع شدة المراقبة والتفكر والإقبال على الآخرة وهذا زيادة في الإيمان، فإذا خرج اشتغل بالزوجة والأولاد ومعاش الدنيا، فيكون إيمانه في هذه الحالة أضعف مما هو عليه عندما يكون في مجلس الذكر. وهذا نقص في الإيمان، فهو رضي الله عنه حسب أن هذا نفاق٢، فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا ليس نفاقاً وأنه لا يستطيع أن يداوم على درجة واحدة من الإيمان، لأن الإيمان يتفاوت فيزيد إذا حصلت أسباب الزيادة وينقص إذا حصلت أسباب النقص٣.


١ رواه البخاري في صحيحه تعليقاً (١/١٠٩ فتح) ووصله في التاريخ الكبير (٣/١/١٣٧) والخلال في السنة (برقم: ١٠٨١) وابن حجر في تغليق التعليق (٢/٥٣) من طريق يحيى بن يمان عن سفيان عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة به. ورواه المروزي من طريق أخرى في تعظيم قدر الصلاة (٢/ ٦٣٤ ح ٦٨٨) بلفظ: أدركت زيادة على خمسين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره بنحوه، ورواه ابن أبي خيثمة في تاريخه كما في الفتح (١/ ١١٠) واللالكائي في شرح الاعتقاد (٥/ ٩٥٥ ح ١٧٣٣) بنحوه ولكن أبهم العدد.
٢ وقد تأول بحض أهل البدع خوف السلف هذا بأن المراد به أنهم كانوا يخافون أن يبتلوا بالنفاق تجل أن يموتوا، وقد سئل الأوزاعي عن نحو هذا فقال:"هذا قول أهل البدع" انظر شرح اعتقاد أهل السنة للالكائي (٥/ ٩٨٣) .
٣ وانظر ما كتبه ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين (١/٣٥٨) حول خشية الصحابة من النفاق وخوفهم منه لعلمهم بدقه وجله، مع أن قلوبهم كانت ممتلئة إيماناً بخلاف غيرهم ممن لا يجاوز الإيمان حناجرهم، ويظنون أنهم أكمل الناس إيماناً.

<<  <   >  >>