تخرج منها الزكاة، ومقدار كل نوع، وأين نجد أحكام الصيام؟ وأين نجد مناسك الحج؟ إن الله - سبحانه - قد وكل بيان ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا ينطق عن الهوى، وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال:"صلوا كما رأيتموني أصلي"، ولم يقل: كما تجدون في القرآن، لأن القرآن قد خلا من تفصيل الأحكام وبيانها.
ولعل من حكمة الله - سبحانه - في ترك التفاصيل والبيان لرسوله - صلى الله عليه وسلم - أن تفصيل الأحكام وبيان جزئياتها، وتوضيح دقائقها، إنما يكون بالطريق العملي أولى وأجدى، ولو أن الأحكام فصلت قولاً نظرياً، لما استغنت عن بيان عملي واقعي.
ولعله من الحكمة وراء ذلك - أيضا - بيان ما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منزلة سامية لا يشاركه فيها غيره، ومكانة رفيعة عالية لا يرقى إليها سواه، وذلك بإسناد الله - تعالى - تفصيل الأحكام وبيانها إليه - صلى الله عليه وسلم -، إذ لو كان كل شيء مفصلا مبينا لكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل غيره من الناس مطبقاً لما هو قائم فعلاً، لكن الله - عز وجل - اختصه - صلى الله عليه وسلم - بتفصيل الأحكام وبيان مجمل القرآن تكريماً لشأنه وإعلاء لمنزلته، وليس ذلك أمراً قائماً بذاته، بل هو مبني على ما سبق أن بيناه من حِكَم.
أما هؤلاء الذين أثاروا هذه الشبهة فقد ارتكبوا عدداً من الأخطاء. أول هذه الأخطاء أنهم لم يحاولوا أن يفهموا الموضوع في إطار القرآن الكريم