للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تكون في هذه الحال لكثرة مائها، وتحرير المعنى: أنه شبه النساء ببقر توضح وظباء وجرة في كحل أعينها؛ نصب زجلًا على الحال والعامل فيها تحملوا، ونصب عطفًا على الحال، ورفع أرآمها لأنها فاعل والعامل فيها الحال السادة مَسدّ الفعل.

١٥-

حُفِزَتْ وَزَايَلَهَا السَّرَابُ كَأَنَّهَا ... أَجْزَاعُ بِيشَةَ أَثْلُهَا وَرِضَامُهَا

الحفز: الدفع، والفعل حفز يحفز. الأجزاع: جمع جزع وهو منعطف الوادي. بيشة: واد بعينه. الأثل: شجر يشبه الطرفاء إلا أنه أعظم منها. الرضام: الحجارة العظام، الواحدة رَضْمة وَرَضَمة، والجنس رَضْم وَرَضَم. يقول: دفعت الظعن، أي ضربت الركاب لتجد في السير وفارقها قطع السراب، أي لاحت خلال قطع السراب ولمعت، فكأن الظعن منعطفات وادي بيشة أثلها وحجارتها العظام، شبهها في العظم والضخم بهما، والضمير الذي أضيف إليه أثل ورضام لبيشة.

١٦-

بَلْ ما تَذَكَّرَ من نَوَارَ وقَد نأتْ ... وَتَقَطّعَتْ أَسبابُها وَرِمَامُهَا

نوار: اسم امرأة يشبب بها. النأي: البعد. الرمام: جمع الرمة وهي قطعة من الحبل خَلِقَة ضعيفة. ثم أضرب عن صفة الديار ووصف حال احتمال الأحباب بعد تمامها، وأخذ في كلام آخر من غير إبطال لما سبق. بل، في كلام الله تعالى، لا تكون إلا بهذا المعنى؛ لأنه لا يجوز منه إبطال كلامه وإكذابه. قال مخاطبًا نفسه: أي شيء تتذكرين من نوار في حال بعدها وتقطع أسباب وصالها ما قوي منها وما ضعف.

١٧-

مُرّيّةٌ حَلّتْ بفَيْدَ وَجَاوَرَتْ ... أهْلَ الْحِجازِ فأينَ منكَ مَرَامُها

مرية: منسوبة إلى مرّة. فيد: بلد معروفة، ولم يصرفها لاستجماعها التأنيث والتعريف، وصرفها سائغ أيضًا لأنها مصوغة على أخف أوزان الأسماء فعادلت الخفة أحد السببين فصارت كأنه ليس فيها إلا سبب واحد لا يمنع الصرف. وكذلك حكم كل اسم كان على ثلاثة أحرف ساكن الأوسط مستجمعًا للتأنيث والتعريف نحو هند ودعد؛ وأنشد النحويون: [المنسرح] :

لم تتلفع بفضل مئزرها ... دعد ولم تُغْذَ دعد في العلب

ألا ترى الشاعر كيف جمع بين اللغتين في هذا البيت؟

<<  <   >  >>