(ولا يأكل في الأضحى حتى يصلي) ، (وإذا غدا من طريق رجع من آخر) ،
ــ
الصائم إلى الفطر، فكذلك أيضاً هنا؛ فإنه ما ترك الطعام فيما قبله إلا طاعة لله، وما أكل في يوم العيد إلا طاعة لله، فإن الأكل قبل الخروج إلى المصلى من المبادرة إلى ما أباحه الله في هذا اليوم. والأفضل في أكله في الفطر على تمرات قبل أن يخرج، لما في حديث بريرة١ وأقل ذلك ثلاث، فإن زاد على الثلاث فينبغي أن يقطع على وتر، ولهذا في الحديث:"إن الله وتر يحب الوتر". (ولا يأكل في الأضحى حتى يصلي) وهذا مما أفاده حديث بريرة، يفيد مشروعية ذلك وأن يتأخر الإنسان بذوق ذلك حتى يصلي. وإذا كان له أضحية فيكون أول شيء يتناوله منها. والأولى من كبدها، من جهة أنه أسرع شيء يؤكل منه، وكونه أخر الأكل إلى حين ذبح أضحيته. والأكل هنا والسرعة فيه شبيه بالفطر؛ فإنه منع نفسه عن الأكل في أول النهار ندباً، فالمسارعة إلى الفطر يحصل بالمبادرة إلى الكبد.
(وإذا غدا من طريق رجع من آخر) من طريق أخرى. قيل: إن السر في ذلك شهادة ما يمر به له إذا مر بطريق، فما يمر به يشهد له، وإذا مر في طريق آخر شهد له، فتتكرر الشهادات له بممشاه لتلك الطاعة. وقيل: لإغاظة المنافقين، فيغيظ من كان من المنافقين في الطريق الذي ذهب منه، ويغيظ من المنافقين من كان في الطجريق الذي رجع منه. وقيل: إن العلة لا تتعين فيه. وقد ثبت من السنة مخالفة الطريق في العيد.
١ "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر، ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي" رواه أحمد.