وأما الملامسة والمنابذة وبيعتان في بيعة والنجش ولا يبع بعضكم على بيع بعض ولا يبع حاضر لباد فان الشافعي - رحمه الله - قد فسرها كلها تفسيرا مقنعا يستغنى به عن الزياده في شرحه.
قال الشافعي:"ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع وسلف وعن سلف جر منفعه" وقد فسرت السلف فيما تقدم واعلمتك أن السلف يكون قرضا ويكون بمعنى السلم تقول اسلفت فلانا مائة أي اقرضته اياها ومتى شئت طالبته بها وإذا دفع الرجل دراهم أو دنانير إلى رجل في حب أو تمر مضمون إلى اجل معلوم فجائز أن يقال اسلفت في كذا واسلمت في كذا وكذلك سلمت وسلفت معناها كلها واحد.
ومعنى قوله:"نهى عن سلف وبيع" أن يقول اسلفك مائة درهم أي اقرضكما على أن تشتري مني هذه السلعه بمائة درهم فهذا سلف وبيع وفيه وجه آخر وهو أن تقول اشتريت دارك هذه بمائة انقدكها على أن اسلفك مائة قرضا والوجهات معا منهى عنهما.
قال الشافعي:"واذا ادان العبد باذن سيده" معناه استدان أي اخذ الدين أو اشترى سلعه بدين وقال:
اندان أم نعتان أم ينبري لنا ... فتى مثل نصل السيف هرت مضاربه١
وقوله: ينبري لنا أي يعرض لنا يقال هذا البعير يبارى هذا البعير أي يعارضه في السير وفلان يباري الريح في سخائه إذا عارضها لانها تهب على كل انسان يقال برى له وانبرى بمعنى واحد. وقوله نعتان: أي ناخذ العينه وهو أن يشترى سلعه بثمن معلوم إلى اجل مسمى ثم يبيعها من بائعها بالنقد دون الثمن الذي اشتراها به وهذا مأخوذ من العين وهو النقد الحاضر وقيل لهذا البيع عينه واعتيان لان مشترى السلعه إلى اجل يأخذ
بدلها نقدا حاضرا وهذا حرام إذا اشترط المشتري على البائع أن يشتريها منه بثمن يتواصفانه بينهما شرط,