وإضافة إلى التواصل والتفاعل يأتي عامل التحديث الاقتصادي الذي يعتقد هنتنجتون بأنه سيزيد من حدة التمايز الحضاري بين الشعوب. إن التحديث في نظر هنتنجتون سيدمر المجالات الثقافية الأصغر، كالثقافة المحلية، والقومية، ويحرر الشعوب من أسرها، وحينها لن تجد تلك الشعوب سوى البوتقة الحضارية الأكبر التي تعد الدين أعظم عناصرها التكوينية. ولعل هذا هو سر انتشار الأديان الآن، وسر تصاعد الحركات الدينية الأصولية التي " يمكن العثور عليها في النصرانية واليهودية والبوذية بقدر ما يمكن العثور عليها في الإسلام "! وفي معظم هذه الحركات لا يخفى أن أكثر المنجذبين إليها هم الشباب بسبب عمليات التحديث ومن خريجي الجامعات، وبالذات في مساقات العلوم البحتة والتقنية. وهؤلاء هم الذين غدوا يكافحون مظاهر العلمانية في مجتمعاتهم، وقد صدق عليهم قول جورج ويجل:" إن نزع العلمانية عن العالم يمثل إحدى الحقائق الاجتماعية المسيطرة على الهزيع الأخير من القرن العشرين "!