ألف العلامة شبلي مؤلفات عديدة في التاريخ والأدب، واشتهرت مؤلفاته ومقالاته في البلاد، وآخر كتبه الذي تشرف بتأليفه هو "سيرة النبي" صلى الله عليه وسلم، ويقول في بيت من الشعر مامعناه:
لقد مدحت العجم وألَّفت تاريخ بني العباس، كان من قدر الله أن أقيم عند الأغيار مدة من الزمن، ولكني وفقت أن أؤلف الآن سيرة خاتم النبيين، فالحمد والشكر لله على حسن الخاتمة بهذا العمل المبارك.
فلما أراد العلامة شبلي أن يؤلف هذا الكتاب توجَّه إلى الاطلاع على مؤلفات علماء الإسلام في السيرة قديماً وحديثاً، ولكن هذه المؤلفات كانت عبارة عن سرد الحوادث التاريخية فحسب، ولا علاقة لها بعلم الكلام، ولكن الناقدين المعاصرين يزعمون أن الدين لو كان عبارة عن الإيمان بالله فحسب فلا نقاش فيه، وإذا كان الدين يطالب بالإيمان بالرسول أيضاً فلابد لنا من معرفة شؤون حياته وعاداته وأخلاقه؛ لأنه هو الذي أنزل عليه الوحي وهو رسولٌ بين الله وخلقه.
إن مؤرخي الإفرنج الذين ألفوا في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم قدَّموا في مؤلفاتهم صورة مشوهة لحياته صلى الله عليه وسلم.
وأبناء الجيل الجديد الذين لم يدرسوا اللغة العربية والدراسات الإسلامية، إذا أراد أحد منهم معرفة شيء عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لجأ إلى كتب المستشرقين المشوهة المملوءة بالمعلومات المسمومة، وهكذا تتسرب هذه السموم إلى نفوسهم، وتؤثر رويداً رويداً فيهم من غير أن يشعروا بها؛ لدرجة